اتصل بنا
 

أبو رغال .. سلطة مسمومة في جسد الأمة

نيسان ـ نشر في 2016-02-27 الساعة 17:39

x
نيسان ـ

لقمان إسكندر

عرف العرب الخيانة السياسية مبكرا عندما رفض اليمنيون أن يخبروا أبرهة الأشرم الحبشي بمكان الكعبة لكن أبا رغال اليمني دلّه على الطريق لمكة المكرمة وتقدم جيشه مقابل حفنة من المال، فهلك وهلكوا.

العصر الحديث شهد هو الأخر قصصا مثيلة. لقد تقدم أبو رغال جيوش الأعداء كثيرا. هنا اليمني على هيئة حوثي. وهناك العراقي، والسوري واللبناني والليبي والمصري. فيما يقيم أبو رغال الفلسطيني في الضفة.

لكن هذه المرة لم يركب ابو رغال الفيل، بل دبابة. هذا ما حصل في العراق، فيما ركب ابو رغال السوري مقاتلة روسية، ومدرعة إيرانية.

ليس هناك من استثنائي في اعتناق "الخيانة" باعتبارها وجهة نظر سياسية. عمر المختار نفسه يوم ألقى الفاشيون القبض عليه في ليبيا كتبت وسائل إعلام ليبية موالية للايطاليين آنذاك، إن السلطات نجحت في "القبض على عمر المختار زعيم العصاة في برقة".

وليست الأمة العربية استثناء في ذلك، فالخيانة تحولت لوجهة نظر سياسية عند كثير من سياسيين الأمم الأخرى. حكومة فرنسا الموالية للنازيين عام 1940 تشهد على ذلك، بعد أن خان الجنرال فيليب لافال بلده فرنسا لصالح الألمان بدعوى مكافحة البولشفية اللينينية والشيوعية الملحدة.

وهذا خائن روما الأشهر بريتوس الذي أباح إراقة دم يوليويس قيصر أمبراطور روما بدعوى إنقاذ جمهورية الإمبراطورية، معتقدا حسب قولته الشهيرة: لا بد من قتل يوليوس قيصر من أجل الحفاظ على روما الخالدة.

اليوم وبعد مائة عام من عزلة العرب عن العزة نعود من جديد للحكاية نفسها لكن في فلسطين هذه المرة. هناك سلطة تنسيق أمني وهناك عصاة.

هنا، ليس عمر المختار، بل عمر نايف زايد الذي اغتيل، وهو في حضن سفارة سلطته الوطنية ببلغاريا.

هذا ليس حدثا غريبا، فشوارع الضفة الغربية نفسها تشهد على ذلك، ويشهد عليه كذلك التنسيق الأمني الفلسطيني مع الاحتلال.

اليوم تتخطف أرواح الفلسطينيين على أرصفة الضفة الغربية كطرائد هائمة وبمساعدة وطنية عميقة من سلطة التنسيق الأمني الفلسطينية.

والخيانة فردية كما هي جماعية سلطوية. وبينما يغلب على الخيانة الفردية الطابع الشخصي تذهب الخيانة الجماعية بكونها تتحول الى رسمية عبر توافقات بين عصابة من الأفراد من ذوي المصالح المشتركة.

لم نعد ندري من قال قبل صاحبه، تلك النبوءة التي تقول: أخشى ما أخشاه أن تكون الخيانة وجهة نظر. هل هو غساني كنفاني أم ناجي العلي أم صلاح خلف أبو أياد. لكنهم جميعا كانوا طرائد ليد الموساد؛ كنفاني قتل، كما قتل ناجي العلي وصلاح خلف.

لم يعش غسان كنفاني ولا رفاقه المرحلة التي أصبحت فيها الخيانة (وجهة نظر)، والكفر بالأمة ومصالحها (رأي آخر).

عمر نايف اغتيل. ضربا. وأعلنت السلطة أنها ستشكل لجنة تحقيق مثيلة تماما للجنة التحقيق المشكلة في استشهاد ياسر عرفات.

وها هو بشار الأسد يخون الشعب السوري فيقضي على نصف مليون سوري قتلا، ويهجّر عشرة ملايين بدعوة الممانعة. وقد أنجز ما وعد. إما الأسد أو (يحرق البلد). وقد أحرقها.

زاخر هو تاريخ البشرية الطويل لكل الحضارات بحكايا الخيانات السياسية التي غيرت مجريات الأمم لصالح الأعداء والأغيار.

نيسان ـ نشر في 2016-02-27 الساعة 17:39

الكلمات الأكثر بحثاً